Page 12 - stis22
P. 12

‫حفظ الطاقة ‪Conservation of Energy‬‬

                                    ‫ينص مبدأ حفظ الطاقة على أن الطاقة لا تفنى ولا تخلق من العدم‪ ،‬وإنما تتحول من‬
                                    ‫شكل إلى آخر‪ .‬ويعد واحداً من أهم الاكتشافات على مر الزمن‪ ،‬ويعرف أيضاً باسم القانون‬

                                                                                          ‫الأول في الديناميات الح اررية‪.‬‬

                                                                                              ‫اكتشاف مبدأ حفظ الطاقة‬
‫كان العلماء والباحثون‪ ،‬حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً‪ ،‬كلما صادفتهم مشكلة ذات علاقة بالطاقة وتعذر عليهم حلها‪،‬‬
‫يجدون في مفهوم "القوة الحيوية" طوق النجاة‪ ،‬وكأنها قادرة على توليد طاقة دائمة من العدم‪ .‬لم يقتنع العالم الألماني هيرمان‬
‫هيلمهولتز بهذا الأمر‪ ،‬وكان لديه إيمان ارسخ بعدم إمكانية توليد طاقة الحركة من العدم‪ ،‬وعمد إلى د ارسة الرياضيات لإثبات أن‬

                                                             ‫الطاقة الحركية كلها يمكن ردها إلى عمليات فيزيائية طبيعية‪.‬‬

‫استطاع هيلمهولتز إثبات أن الطاقة الحركية لا يمكن توليدها من العدم‪ ،‬ثم عمد إلى جمع المعلومات ذات الصلة التي اكتشفها‬
‫علماء آخرون‪ ،‬مثل‪ :‬جيمس جول‪ ،‬ويوليوس ماير‪ ،‬وبيير لابلاس‪ ،‬وأنطوان لافوازيه وآخرون‪ ،‬ممن كان لهم باع طويل في‬
‫د ارسة تحويل أنواع الطاقة بعضها إلى بعض‪ ،‬أو تحويل نوع معين منها إلى آخر‪ .‬وعزز تلك المعلومات بتجاربه الخاصة‪ ،‬وأظهر‬
‫مرة تلو أخرى أن الطاقة لا تضيع أبداً؛ إذ يمكنها أن تتحول إلى ح اررة‪ ،‬أو صوت‪ ،‬أو ضوء ولكنها تبقى في الوجود‪ ،‬ويمكن‬

                                                                                                ‫الاهتداء إليها وحسابها‪.‬‬

                                   ‫أدرك هيلمهولتز عام ‪ 3941‬م بأن عمله هذا قد أثبت النظرية العامة لحفظ الطاقة‪ ،‬التي‬
                                   ‫تفيد بأن كمية الطاقة في الكون (أو ضمن أي نظام مغلق) تبقى ثابتة دوماً‪ .‬يمكنها‬
                                   ‫التحول طبعاً بين أنواع مختلفة (كهرباء‪ ،‬أو مغناطيسية‪ ،‬أو طاقة كيميائية‪ ،‬أو طاقة حركية‪،‬‬

                                      ‫أو ضوء‪ ،‬أو ح اررة‪ ،‬أو صوت‪ ،‬أو طاقة كامنة‪ ،‬أو زخم)‪ ،‬ولكنها لا تفنى ولا تستحدث‪.‬‬

                                   ‫وجاء التحدي الأكبر لنظرية هيلمهولتز من علماء الفلك الدارسين للشمس‪ .‬فلو كانت الشمس‬
                                   ‫لا تستحدث الطاقة الضوئية والح اررية‪ ،‬فمن أين لها كل هذه الكميات الهائلة من الإشعاعات‬
‫التي تبثها؟ لا يعقل أنها تحرق مادتها الأصلية ذاتها كما هو الحال في الني ارن الاعتيادية‪ .‬أما علماء اليوم فقد أظهروا بأن الشمس‬
                                 ‫ستسهلك نفسها في غضون ‪ 02‬مليون سنة لو أحرقت كتلتها حقاً في توليد الضوء والح اررة‪.‬‬

‫وقد احتاج هيلمهولتز إلى خمس سنين ليكتشف بأن الجواب يكمن في الجاذبية‪ .‬فالشمس تنكمش على ذاتها ببطء‪ ،‬في حين‬
                        ‫تتحول قوة الجاذبية إلى ضوء وح اررة‪ ،‬فعاش جوابه هذا ثمانين عاماً إلى حين اكتشاف الطاقة النووية‪.‬‬

‫استطاع الإنسان الاستفادة‪ ،‬ولا ي ازل‪ ،‬من مبدأ حفظ الطاقة في كثير من التطبيقات العملية والعلمية‪ ،‬التي تؤدي دو اًر أساسياً في‬
                                        ‫تلبية احتياجاته وتكِيّفه مع بيئته‪ ،‬بعد أن فهم كيفية تحول الطاقة من شكل إلى آخر‪.‬‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17