Page 22 - stis22
P. 22
طريق التقدم
لماذا تتقدم دول وتظل أخرى متخلفة؟ ولماذا تتحول دول من هذه
الفئة إلى تلك ،وتظل أخرى في مكانها أو تت ارجع؟ وهل طريق
التقدم مفتوح أمام دول معينة ومغلق أمام دول أخرى؟
قد تكمن الإجابة عن هذه الأسئلة في مقولة الخبير الإداري بيتر
د اركر "لا توجد دولة متقدمة ودولة متخلفة ،وإنما توجد إدارة
ناجحة وإدارة فاشلة"؛ إذ يعتمد تطور البلدان وتنميتها على فاعلية الإدارة فيها وكفاءتها .ولما كان العنصر البشري هو العامل
الأهم في نجاح الإدارة ،فإن طريقة إسناد المناصب الإدارية هي الفيصل بين تقدم الدول وتخلفها؛ فالمناصب الإدارية لا تسند
على نحو اعتباطي ،بل تسند بناء على معايير متبعة في كل دولة .وتختلف الأسس التي تبنى عليها المعايير باختلاف الدول،
غير أنها تبنى ،في الغالب ،على أساس قوانين وأنظمة ،أو ق ار ارت ناظمة ،أو عادات وأع ارف ،أو أي مجموعة مما سبق .ومن
البديهي القول إن المعايير تكون مكتوبة حين تبنى على أساس القوانين والأنظمة والق ار ارت الناظمة ،ولا تكون مكتوبة في حال
العادات والأع ارف.
ويمكن القول بثقة إن نجاح مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها في تحقيق
أهدافها ،يعتمد بالدرجة الأولى على قياداتها الإدارية .فعلى الرغم من
أهمية العوامل الأخرى المتمثلة في كفاءة العاملين لديها ،والقوانين
والأنظمة السائدة فيها ،وجودة بنيتها التحتية ،وغيرها ،تبقى القيادة
الإدارية هي المحدد الرئيس للنجاح أو الفشل.
بناء على ما سبق ،فإن أي خطوة نحو التنمية والتقدم ينبغي أن تبدأ من طريقة
إسناد المناصب الإدارية ،وما لم تكن الطريقة ناجعة في إيصال أشخاص
مناسبين إلى سَّدة المناصب ،فكل ما عداها يظل قاص اًر عن وضع البلاد على
سكة التطوير .ومن ثم ،فإن الخطوة الأولى على طريق التقدم هي تصحيح
عملية إسناد المناصب الإدارية العليا.
ونظ اًر لأهمية هذا الموضوع ،سيجري التطرق إليه في العدد القادم من السلسلة.