Page 17 - stis20
P. 17
والتنظيم في الحياة ،وأطلق عليه اسم الناوس .كان يقول إنه يوجد عدد لا نهائي من الأصول والمصادر لأ ّن كل نوع من المادة
هو أساس نفسه ،وإ ّن كل شيء مهما كان صغي ار يحتوي على كل شيء ،وإ ّن المواد تنقسم على ذاتها إلى ما لا نهاية .كان
أنكساغو ارس مؤث ار في سقراط ،بيَد أ ّن سق ارط كان ينتقده ويلومه على عدم استخدام عقله جيدا.
ديمقريطس :هو آخر فلاسفة الطبيعة ،وقد عاصَر السفسطائيين وسق ارط ،وكان صديقا للفيلسوف ليوسبس ووضعا معا نظرية
الذرة ،التي يعود الفضل في إشاعتها وانتشارها لديمقريطس .تقول النظرية إ ّن الكون مؤلف من دقائق صغيرة جدا لا تقبل الانقسام،
وهذه الدقائق تُسمى الذ ارت (لغويا ،مصطلح الذرة باليونانية يعني :لا يقبل القسمة) .الذ ارت صلبة ولا
تُدَرك بالحواس ،وهي مختلفة الشكل والحجم ،لذلك يوجد اختلاف وتنّوع في الأشياء .الذ ارت في ذاتها
ليس فيها ف ارغ ،لكن بين الذ ارت يوجد حكما ف ارغ وإلا لما كانت الحركة .أصل الوجود عند ديمقريطس
هو (ذ ارت وف ارغ) .وسبب الحركة هو ثقل ووزن الذ ارت .كان ديموقريطس ملحدا ،ويسخر من آلهة
وأديان الناس ،ومع ذلك كان عنده نظام أخلاقي لا يتعلق بالدين .كان يُدعى بالفيلسوف الضاحك،
وتنص فلسفته الحياتية على أ ّن السعادة والبهجة هي هدف الحياة ،وأّنه على الإنسان أن يعتدل في حاجاته ويعيش بسيطا كي
يكون سعيدا .لم يؤمن بغاية ولا هدف ،وكان يرى أ ّن الكون يسير بطريقة ميكانيكية وفق حكم الضرورة .لا شيء يحدث مصادفة،
لأ ّن كل الأشياء تخضع للقوانين الحتميةُ .يلقب ديمقريطس بالفيلسوف (المادي) لأّنه حتى النار والروح والنفس والأفكار والإد اركات
الحسية والعقلية ،كُّلها ِّبنظره ذ ارت ،وجمي ُعها تُقدم فيها نظرية الذرة أقوالا وحلولا.
هؤلاء الفلاسفة هم ما قبل سق ارط ،وكان قبله أيضا السفسطائيون ،الذين قدموا فلسفة تنويرّية تحررّية تجّلت فيها الفردية على
نحو واضح .وربما في مقال آخر ،نتب ّحر ونتحدث عن فلسفتهم وأفكارهم.